فصل: تفسير الآية رقم (203):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (200- 202):

{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)}
أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء {فإذا قضيتم مناسككم} قال: حجكم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {فإذا قضيتم مناسككم} قال: حجكم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {فإذا قضيتم مناسككم} قال: اهراقه الدماء {فاذكروا الله كذكركم آباءكم} قال: تفاخر العرب بينها بفعال آبائها يوم النحر حين يفزعون، فامروا بذكر الله مكان ذلك.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: كان المشركون يجلسون في الحج فيذكرون أيام آبائهم وما يعدون من أنسابهم يومهم أجمع، فأنزل الله على رسوله في الإِسلام {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً}.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم يقول الرجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحملات ويحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم، فأنزل الله: {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً}.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عبد الله بن الزبير قال: كانوا إذا فزعوا من حجهم تفاخروا بالآباء، فأنزل الله: {فاذكروا الله كذكركم آباءكم}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال: كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا عند الجمرة فذكروا آباءهم وذكروا أيامهم في الجاهلية وفعال آبائهم، فنزلت هذه الآية.
وأخرج الفاكهي عن أنس قال: كانوا في الجاهلية يذكرون آباءهم فيقول أحدهم، كان أبي يطعم الطعام. ويقول الآخر: كان أبي يضرب بالسيف. ويقول الآخر: كان أبي يجز النواصي. فنزلت {فاذكروا الله كذكركم آباءكم}.
وأخرج وكيع وابن جرير عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا: كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهلية إذا وقفوا بعرفة، فنزلت {فاذكروا الله كذكركم آباءكم}.
وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن عطاء قال: كان أهل الجاهلية إذا نزلوا منى تفاخروا بآبائهم ومجالسهم، فقال هذا: فعل أبي كذا وكذا. وقال هذا: فعل أبي كذا وكذا. فذلك قوله: {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح في قوله: {فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً} قال: هو قول الصبي أوّل ما يفصح في الكلام أباه وأمه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس. أنه قيل له: قول الله: {كذكركم آباءكم} أن الرجل ليأتي عليه اليوم وما يذكر أباه، قال: إنه ليس بذاك ولكن يقول: تغضب لله إذا عصي أشد من غضبك إذا ذكر والديك بسوء.
أما قوله تعالى: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا} الآيات.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيث، وعام خصب، وعام ولاد حسن ولا يذكرون من أمر الآخرة شيئاً، فأنزل فيهم {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} ويجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} فأنزل الله فيهم {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب}.
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير قال: كان الناس في الجاهلية إذا وقفوا عند المشعر الحرام دعوا فقال أحدهم: اللهم ارزقني ابلاً. وقال الآخر: اللهم ارزقني غنماً، فأنزل الله: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا} إلى قوله: {سريع الحساب}.
وأخرج ابن جرير عن أنس بن مالك في قوله: {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا} قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة فيدعون: اللهم اسقنا المطر، وأعطنا على عدونا الظفر، وردنا صالحين إلى صالحين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: كانوا يقولون: ربنا آتنا رزقاً ونصراً، ولا يسألون لآخرتهم شيئاً فنزلت.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأبو يعلى عن أنس قال كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو يعلى وابن حبان وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غادر رجلاً من المسلمين قد صار مثل الفرخ المنتوف، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل كنت تدعو الله بشيء؟» قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبني به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله. ! إذن لا تطيق ذلك ولا تستطيعه، فهلا قلت ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟ ودعا له فشفاه الله».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب وابن أبي حاتم عن أنس. أن ثابتاً قال له: إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم. فقال: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. فأعاد عليه فقال: تريدون أن أشقق لكم الأمور إذا أتاكم الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقاكم عذاب النار، فقد آتاكم الخير كله.
وأخرج الشافعي وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن السائب. أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين الركن اليماني والحجر: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مررت على الركن إلا رأيت عليه ملكاً يقول آمين، فإذا مررتم عليه فقولوا: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عن ابن عباس. أن ملكاً موكلاً بالركن اليماني منذ خلق الله السموات والأرض يقول: آمين آمين. فقولوا: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج ابن ماجة والجندي في فضائل مكة عن عطاء بن أبي رباح سئل عن الركن اليماني وهو في الطواف فقال: حدثني أبو هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكل به سبعون ملكاً فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. قال: آمين».
وأخرج الأزرقي عن ابن أبي نجيح قال: كان أكثر كلام عمر وعبد الرحمن بن عوف في الطواف: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن حبيب بن صهبان الكاهلي قال: كنت أطوف بالبيت وعمر بن الخطاب يطوف ما له إلا قوله: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ما له هجيري غيرها.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة. أنه كان يستحب أن يقال في أيام التشريق: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال: ينبغي لكل من نفر أن يقول حين ينفر متوجهاً إلى أهله: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كانوا أصنافاً ثلاثة في تلك المواطن يومئذ: رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمؤمنون، وأهل الكفر، وأهل النفاق {فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} إنما حجوا للدنيا والمسألة لا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} والصنف الثالث {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} [ البقرة: 204].
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن أنس قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: تسأل ربك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: تسأل ربك العفو والعافية، ثم أتاه من اليوم الرابع فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: تسأل ربك العفو والعافية، في الدنيا والآخرة، فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت».
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: عافية {وفي الآخرة حسنة} قال: عافية.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والذهبي في فضل العلم والبيهقي في شعب الإِيمان عن الحسن في قوله: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: الحسنة في الدنيا العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنة.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: حسنة الدنيا المال، وحسنة الآخرة الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: الرزق الطيب، والعلم النافع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في الآية قال: المرأة الصالحة من الحسنات.
وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله بن عمر {ربنا آتنا في الدنيا حسنة} قال: الثناء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء {أولئك لهم نصيب مما كسبوا} قال: مما عملوا من الخير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {والله سريع الحساب} قال: سريع الإِحصاء.
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس، إن رجلاً قال له: إني أجرت نفسي من قومي على أن يحملوني، ووضعت لهم من أجرتي على أن يدعوني أحج معهم، أفيجزئ ذلك عني؟ قال: أنت من الذين قال الله: {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب}.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سفيان قال: أصحاب عبد الله يقرأونها {أولئك لهم نصيب مما اكتسبوا}.

.تفسير الآية رقم (203):

{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)}
أخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال: الأيام المعدودات ثلاثة أيام: يوم الأضحى، ويومان بعده، إذبح في أيها شئت، وأفضلها أولها.
وأخرج الفريابي وابن أبي الدنيا وابن المنذر عن ابن عمر في قوله: {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: ثلاثة أيام، أيام التشريق. وفي لفظ: هي الثلاثة الأيام بعد يوم النحر.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والمروزي في العيدين وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس قال: الأيام المعلومات أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق.
وأخرج الطبراني عن عبدالله بن الزبير {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: هن أيام التشريق يذكر الله فيهن بتسبيح وتهليل وتكبير وتحميد.
وأخرج ابن أبي الدنيا والمحاملي في أماليه والبيهقي عن مجاهد قال: الأيام المعلومات العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الأيام المعدودات أربعة أيام: يوم النحر، وثلاثة أيام بعده.
وأخرج المروزي عن يحيى بن كثير في قوله: {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: هو التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر. أنه كان يكبر تلك الأيام بمنى ويقول: التكبير واجب، ويتأوّل هذه الآية {واذكروا الله في أيام معدودات}.
وأخرج المروزي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن عباس يكبر يوم النحر ويتلو {واذكروا الله في أيام معدودات}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {واذكروا الله في أيام معدودات} قال: التكبير أيام التشريق، يقول في دبر كل صلاة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر. أنه كان يكبر ثلاثاً ثلاثاً وراء الصلوات بمنى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وأخرج المروزي عن الزهري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق كلها.
وأخرج سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: «سمعت ابن عباس يكبر يوم الصدر ويأمر من حوله أن يكبر، فلا أدري تأوّل قوله تعالى {واذكروا الله في أيام معدودات} أو قوله: {فإذا قضيتم مناسككم} الآية».
وأخرج مالك عن يحيى بن سعيد، أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر بمنى حتى ارتفع النهار شيئاً، فكبر وكبر الناس بتكبيره حتى بلغ تكبيرهم البيت، ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس، فكبر وكبر الناس بتكبيره، فعرف أن عمر قد خرج يرمي.
وأخرج البيهقي في سننه عن سالم بن عبد الله بن عمر «أنه رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر، اللهم اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وعملاً مشكوراً، وقال: حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كلما رمى بحصاة يقول مثل ما قلت».
وأخرج البخاري والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر «أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على كل حصاة ثم يتقدم حتى يسهل، فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو، ويرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ثم ينصرف ويقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله».
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت «أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع فمكث بمنى ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى وعند الثانية، فيطيل القيام ويتضرع، ثم يرمي الثالثة ولا يقف عندها».
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة «هات القط لي حصيات من حصى الخذف، فلما وضعن في يده قال: بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين».
وأخرج الحاكم عن أبي البداح بن عاصم بن عدي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً.
وأخرج الأزرقي عن ابن الكلبي قال: إنما سميت الجمار جمار لأن آدم كان يرمي إبليس فيتجمر بين يديه، والإِجمار الإِسراع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري قال: ما يقبل من حصى الجمار رفع.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: رمى الناس في الجاهلية والإِسلام. فقال: ما تقبل منه رفع، ولولا ذلك كان أعظم من ثبير.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس أنه سئل هذه الجمار ترمى في الجاهلية والإِسلام، كيف لا تكون هضاباً تسد الطريق؟ فقال: إن الله وكل بها، ملكاً فما يقبل منه رفع ولم يقبل منه ترك.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال: والله ما قبل الله من امرئ حجه إلا رفع حصاه.
وأخرج الأزرقي عن ابن عمر أنه قيل له: ما كنا نتراءى في الجاهلية من الحصى والمسلمون اليوم أكثر، إنه لضحضاح؟ فقال: إنه- والله- ما قبل الله من امرئ حجه إلا رفع حصاه.
وأخرج الأزرقي عن سعيد بن جبير قال: إنما الحصى قربان فما يقبل منه رفع، وما لم يتقبل منه فهو الذي يبقى.
وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال: «قلنا: يا رسول الله هذه الأحجار التي يرمى بها كل سنة فنحسب أنها تنقص!... قال: ما يقبل منها يرفع، ولولا ذلك لرأيتموها مثل الجبال».
وأخرج الطبراني عن ابن عمر أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن رمي الجمار وما لنا فيه؟ فسمعته يقول: «تجد ذلك عند ربك أحوج ما تكون إليه».
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس. أنه سئل عن منى وضيقه في غير الحج فقال: إن منى تتسع بأهلها كما يتسع الرحم للولد.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل منى كالرحم هي ضيقة، فإذا حملت وسعها الله».
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال: إنما سميت منى منى لأن جبريل حين أراد أن يفارق آدم قال له: تمن. قال: أتمنى الجنة، فسميت منى لأنها منية آدم.
وأخرج الأزرقي عن عمر بن مطرف قال: إنما سميت منى لما يمنى بها من الدماء.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت «قيل: يا رسول الله ألا نبني لك بناء يظلك؟ قال: لا، منى مناخ من سبق».
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ونحن بمنى: «لو يعلم أهل الجمع بمن حلوا لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة».
وأخرج مسلم والنسائي عن نبيشة الهدبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله».
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى، لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى.
وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق، وقال: هي أيام أكل وشرب وذكر الله».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي الشعثاء قال: دخلنا على ابن عمر في اليوم الأوسط من أيام التشريق، فأتى بطعام فتنحى ابن له فقال: ادن فاطعم قال: إني صائم. قال: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هذه أيام طعم وذكر».
وأخرج الحاكم وصححه عن مسعود بن الحكم الزرقي عن أمه أنها حدثته قالت «كأني أنظر إلى عليّ على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء في شعب الأنصار، وهو يقول: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست أيام صيام، إنها أيام أكل وشرب وذكر».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن خلدة الأنصاري عن أمه قالت «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أيام التشريق ينادي: إنها أيام أكل وشرب وبعال».
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجة عن بشر بن شحيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أيام التشريق فقال: «لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب».
وأخرج مسلم عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق، فنادى: «أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام منى أيام أكل وشرب».
وأخرج أبو داود وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه عن أبي مرة مولى أم هانئ، أنه دخل مع عبد الله على أبيه عمرو بن العاص، فقرب إليهما طعاماً فقال: كل، فقال: إني صائم. قال عمرو: كل فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها. قال مالك: وهن أيام التشريق.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام ستة أيام من السنة: يوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق، واليوم الذي يشك فيه من رمضان».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام التشريق، وقال: إنها أيام أكل وشرب».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة أنه سئل عن أيام التشريق، لأي شيء سميت التشريق؟ فقال: كانوا يشرقون لحوم ضحاياهم وبدنهم، يشرقون القديد.
أما قوله تعالى: {فمن تعجل في يومين} الآية.
أخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: في تعجيله {ومن تأخر فلا إثم عليه} في تأخيره.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: فلا ذنب له {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: فلا حرج عليه لمن اتقى. يقول: اتقى معاصي الله.
وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر قال: أحلَّ النفر في يومين لمن اتقى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: من غابت له الشمس في اليوم الذي قال الله فيه {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} وهو منى، فلا ينفرن حتى يرمى الجمار من الغد.
وأخرج سفيان بن عيينة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لمن اتقى} قال: لمن اتقى الصيد وهو محرم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال: هي في مصحف عبد الله {لمن اتقى الله}.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عبد الله بن يعمر الديلمي «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بعرفة وأتاه أناس من أهل مكة فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ فقال: الحج عرفات، الحج عرفات، فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك أيام منى ثلاثة أيام {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه} ثم أردف رجلاً خلفه ينادي بهن».
وأخرج ابن جرير عن علي في قوله: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: غفر له {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: غفر له.
وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: مغفور له {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: مغفور له.
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس في الآية قال: من تعجل في يومين غفر له، ومن تأخر إلى ثلاثة أيام غفر له.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: رجع مغفوراً له.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: رخص الله أن ينفروا في يومين إن شاؤوا، ومن تأخر إلى اليوم الثالث فلا إثم عليه لمن اتقى. قال قتادة: يرون أنها مغفورة له.
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن مجاهد {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: إلى قابل {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: إلى قابل.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: لا والذي نفس الضحاك بيده إن نزلت هذه الآية {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} في الإِقامة والظعن، ولكنه برئ من الذنوب.
وأخرج سفيان بن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن مسعود {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: خرج من الإِثم كله {ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: برئ من الإِثم كله.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: {لمن اتقى} قال: لمن اتقى في حجه. قال قتادة: وذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال: كانت امرأة من المهاجرات تحج، فإذا رجعت مرت على عمر فيقول لها: أتقيت؟ فتقول: نعم. فيقول لها: استأنفي العمل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد. أن عمر قال لقوم حجاج: أنهزكم إليه غيره؟ قالوا: لا. قال: أتقيتم؟ قالوا: نعم. قال: أما لا فاستأنفوا العمل.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} قال: قد غفر له إنهم يتأولونها على غير تأويلها، إن العمرة لتكفر ما معها من الذنوب، فكيف بالحج؟!.
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن معاوية بن مرة المزني {فلا إثم عليه} قال: خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال: إنما جعل الله هذه المناسك ليكفر بها خطايا بني آدم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله: {فلا إثم عليه لمن اتقى} قال: ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقي من عمره.
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن. أنه قيل له: الناس يقولون: إن الحاج مغفور له، قال إنه ذلك أن يدع سيء ما كان عليه.
وأخرج البيهقي عن خيثمة بن عبد الرحمن قال: إذا قضيت حجك فسل الله الجنة فلعله.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن إبراهيم قال: كان يقال: صافحوا الحجاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال: تلقوا الحجاج والعمار والغزاة، فليدعوا لكم قبل أن يتدنسوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنا نلتقي الحجاج فنصافحهم قبل أن يفارفوا.
وأخرج الأصبهاني عن الحسن. أنه قيل له ما الحج المبرور؟ قال: أن يرجع زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة.
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقضى أحدكم حجه فليعجل الرحلة إلى أهله، فإنه أعظم لأجره».
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزوة أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده».
وأخرج ابن حبان في الضعفاء وابن عدي في الكامل والدارقطني في العلل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حج ولم يزرني فقد جفاني».
وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى والطبراني وابن عدي والدارقطني والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي».
وأخرج الحكيم الترمذي والبزار وابن خزيمة وابن عدي والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من زار قبري وجبت له شفاعتي».
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جاءني زائراً لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقاً علي أن أكون له شفيعاً يوم القيامة».
وأخرج الطيالسي والبيهقي في الشعب عن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من زار قبري كنت له شفيعاً أو شهيداً، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله في الآمنين يوم القيامة».
وأخرج البيهقي عن حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي، ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة».
وأخرج العقيلي في الضعفاء والبيهقي في الشعب عن رجل من آل الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة، ومن سكن المدينة وصبر على بلائها كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين يوم القيامة».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة».
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يسلم عليّ عند قبري إلا وكل الله به ملكاً يبلغني، وكفى أمر آخرته ودنياه، وكنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة».
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يسلم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتى أردّ عليه السلام».
وأخرج البيهقي عن ابن عمر «أنه كان يأتي القبر فيسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمس القبر، ثم يسلم على أبي بكر ثم على عمر».
وأخرج البيهقي عن محمد بن المنكدر قال: رأيت جابراً وهو يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: هاهنا تسكب العبرات، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن منيب بن عبد الله بن أبي أمامة قال: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوقف، فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم انصرف.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سليمان بن سحيم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم قلت: يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلّمون عليك أتفقه سلامهم؟ قال: نعم، وأرد عليهم.
وأخرج البيهقي عن حاتم بن مروان قال: كان عمر بن عبد العزيز يوجه بالبريد قاصداً إلى المدينة ليقرئ عنه النبي صلى الله عليه وسلم السلام.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي فديك قال: سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فتلا هذه الآية {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً} [ الأحزاب: 56] صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة فأجابه ملك: صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة.
وأخرج البيهقي عن أبي حرب الهلالي قال: حج أعرابي، فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته، فعقلها ثم دخل المسجد حتى أتى القبر، ووقف بحذاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، جئتك مثقلاً بالذنوب والخطايا، مستشفعاً بك على ربك لأنه قال في محكم كتابه {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} [ النساء: 64] وقد جئتك بأبي أنت وأمي مثقلاً بالذنوب والخطايا، استشفع بك على ربك أن يغفر لي ذنوبي وأن تشفع فيَّ، ثم أقبل في عرض الناس وهو يقول:
يا خير من دفنت في الترب أعظمه ** فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ** فيه العفاف وفيه الجود والكرم

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر. أنه كان يقول للحاج إذا قدم: تقبل نسكك، وأعظم أجرك، وأخلف نفقتك.
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قدم أحدكم على أهله من سفر فليهد لأهله، فليطرفهم ولو كان حجارة».